بكر أبو بكر
أمد/ مستشار الامن القومي الإسرائيلي الحالي “تساحي هنغبي” (منذ أواخر العام 2022م) يأتي من خلفية صهيونية متطرفة ليكون عونًا لنتنياهو وسندًا، وهو من قيادات حزب الليكود اليميني الذي يرأسه نتنياهو، الا في الفترة التي انشق فيها شارون عن الحزب فانضم له، وفي الليكود ومع حكومة نتنياهو تولى عديد المناصب.
“هنغبي” كانت له الاسهامات الأولى من خلال حركة الشبيبة في حزب “الليكود”، إذ كان ناشطا سياسيا في جيل مبكرة، كونه ابن النائبة المتطرفة غيئولا كوهين صاحبة مقولة “أرض إسرائيل الكاملة” (توفت عن 94 عامًا عام 2019م) ، وبرز نشاطه خلال دراسته الجامعية، إذ كان من قيادة ما عرُفت بعصابات الجنازير، التي كانت تنفذ اعتداءات منظمة على الطلاب الجامعيين العرب في فلسطين الداخل.
في هذه المقالة ومن مجمل تصريحات أخيرة له نكتشف حجم ارتباط “هنغبي” بنتنياهو وتشدده الموافق لمسار التفكير وخطة سحق غزة وإبادتها على من فيها حيث لا يهتم مستشار الامن القومي هنغبي مما هو ظاهر بالتصريحات بقضية المخطوفين الذين قلّل من أهميتهم مقابل ما سبق من أهداف، فلقد قال بوضوح وأمام عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة أن: الحكومة لن تكون قادرة إعادة جميع الأسرى المحتجزين في غزة.
موضحًا أنه في حال أبرمت صفقة مع “حماس”، فإن حكومة نتنياهو لن تلتزم إلا بمرحلتها الأولى، وفق ما ورد بلقاء مع عائلة الأسرى/المختطفين الإسرائيليين ونقلته القناة 12 والوكالات.
وقال نصًا أن: “هذه الحكومة لن تتخذ قرارا بوقف الحرب مقابل إعادة جميع الرهائن؛ يجب أن نواصل القتال حتى لا يكون هناك 7 أكتوبر آخر في عام 2027″، ومعلنًا أن الحكومة لا تمتلك خطة بديلة عن استمرار القتال الذي قدره في تصريح مؤخرًا بأنه سيستمر لأشهر سبعة قادمة.
وفي لقاء لهنغبي مع صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” وفيما يتعلق باليوم التالي أو مستقبل غزة قال: أن “هناك عدد كبير من البدائل -من سيطرة جيش الحرب، إلى حكم عسكري، إلى حكم سلطة محلية، عشائر فلسطينية، مجتمعات مدنية، مزيج من القوات السعودية والإماراتية والأمريكية والمزيد”. وموضحًا أن البديل المثالي هو تشكيل سلطة محلية غزاوية، رغم أن المسار العام ضمن خطط وضعت لمراكز أبحاث مختلفة يتجه نحو حكومة متعددة الجنسيات باليوم التالي في غزة (أنظر تقرير مركز ولسون التابع للكونجرس في شهر 5/2024م، وأنظر لتقرير معهد واشنطن في شهر 8/2023).
نعلم جيدًا أن نتنياهو رفض الدولة الفلسطينية بالمطلق، كما رفض “حماستان أوفتحستان” ورفض أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية بالطبع في غزة، وأصبح هذا الأمر عبارة عن مسلّمة حتى عند الامريكان الذي طالبوا بسلطة وحكومة فلسطينية “متجددة” دون وضوح بما يتعلق بدورها سواء كسلطة أو كدولة.
تماهى موقف مستشار الأمن القومي مع موقف رئيس الوزراء لا سيما أن هنغبي يمثل المدافع الأكبر عن فكر وتصرفات نتنياهو فيما نشر من لقاء (الخميس 30/5/2024م) مع عائلات المختطفين مدافعًا ليس فقط عن مواقف نتنياهو السياسية، بل ومدافعًا عن حقّه بطلب تمويل لعمل مسبح في ظل الحرب الحالية، وموبخًا المراة من أهالي المختطفين/الأسرى على إثارتها هذا الموضوع.
“هنغبي” ذو الماضي المتطرف الموروث عن والدته وسيرته، والحاضر والذي على ما يبدو له دور مؤثر بالحكومة الفاشية والمتطرفة الحالية قال أنه “لن توافق إسرائيل على إملاءات خارجية تفرض عليها دولة فلسطينية” رافضًا أي إملاءات سعودية أو من غيرها كما قال.
أما فيما يتعلق بوضع الجيش بالميدان والاتفاق بين حماس والإسرائيلي-قبل إعلان مقترح بايدن 31/5/2024م، فقد أشار إلى أن “قضية التوصل إلى الاتفاق قد يحدث قريبا”، ومشددًا بما لايدع مجالًا للشك أنه “إذا كانت هناك مطالبة بانسحاب جيش الحرب الإسرائيلي من غزة بالكامل، وعودة حماس إلى الحكم، فهذا مستحيل. يجب أن نذكر أن هناك أيضا سياق الموسم السياسي في الولايات المتحدة”.
مما يجدر ذكرة أن وزير الحرب “غالانت” كان قد صرح فيما سبق أن لامكان للسلطة في غزة ومحذرا بنفس الوقت من حكم إسرائيلي عسكري في غزة مما يشير لتطرف عزّ نظيره من أركان الحكومة، ومستشار الامن القومي، وكل اليمين الإسرائيلي المتماهي معه، والمتساوق مع خطط ومشاريع الامريكي.
والى مستشار آخر لنتنياهو وهو “رون ديرمر” الملقب بعقل نتنياهو فلقد صرح فيما مضى قائلًا بعجرفة وعنجهية نتنياهو أنه: “حتى لو انقلب العالم كله، بما في ذلك الولايات المتحدة، ضد إسرائيل، فسوف نستمر في القتال حتى يتم كسب المعركة”.
من نريد قوله ان مراكز الدراسات (الإسرائيلية والأمريكية) المؤيدة بغالبها للتوجهات الإسرائيلية الحالية، وإن ببعض التفاوتات، والمستشارين حول نتنياهو والكُتاب المتطرفين قاموا وعملوا على زيادة حدة صدامية وتطرف ودموية حكومة اليمين الفاشي حتى الآن، ومازالوا يعملون بهذا الاتجاه رغم الصحوة العالمية (التظاهرات العالمية ضد الإبادة والاحتلال والقتل والعدوان، والاعترافات الاوربية بالدولة الفلسطينية، والمقاطعة وقرارات المحاكم الدولية، وقرارات الأمم المتحدة المؤيدة للحق الفلسطيني)، فالحرب (هو العدوان) التي تخوضها كما تفترض حرب وجود واستكمال للنكبة، فما نسوا التخلص منه عام 1948م وجب اليوم.
إن الحكومة الإسرائيلية الحالية وفيما أسقطته على الخطط الواردة من مراكز الدراسات لا تلقي بالًا للأمة العربية برمتها، كما لا تلقي بالًا للشعب الفلسطيني، فلا سلطة مطلوبة ولا دولة عوضًا عن أنه لم يتم الإشارة بتاتًا أي إشارة –بأي مقالة أو دراسة او تصريح-عن تعويض الضحايا الذين فاقوا ال100 ألف ضحية فلسطينية ما بين شهداء وجرحى، إضافة لحلقة التهجير الداخلي والخارجي المستمرة للمليونين انسان الذين فقدوا كل شيء في ظل الدمار الشامل والإبادة المتواصلة وهندسة القتل التي لن تنتهي تحت إدعاء التخلص من حماس ولو استمر العدوان الوحشي حتى العام 2027 كما تم التصريح به مؤخرًا.