أمد/ لم يبتعد لبنان عن دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، فأقحمته جماعة “حزب الله” مؤخرا في خضم الحرب على غزة لتزيد من أوجاع البلد في ظل ظروف اقتصادية متردية وأوضاع معيشية تسوء يوما بعد الآخر وحالة من عدم الرضا بين المواطنين.
وطالما عانى لبنان من الانفلات الأمني والأزمات الاقتصادية على مر السنوات الماضية الأمر الذي أثر على حياة المواطنين، بما في ذلك انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، وارتفاع معدلات التضخم، ونقص السلع والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوقود، وتآكل مستويات المعيشة، ولعل من بين المشاكل التي أوصلت لبنان إلى هذا الحال هي حرب تموز 2006 وصراع السلطة الحاكمة ووجود حزب الله كحليف لإيران الذي يهيمن على مفاصل الدولة ما أدى إلى ابتعاد لبنان عن بعده الإقليمي العربي ونقصد هنا المال العربي والخليجي تحديدا.
واقعيا، يعاني لبنان الأمرين، أزمة اقتصادية وسياسية طاحنة ألقيا بظلالهما على الشأن العام على الجبهة الاجتماعية وأدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة وضعف شبكة الحماية الاجتماعية وكذلك الأمن الغذائي مع ضعف الدخل لملايين الأسر الأمر الذي تسبب في فقر مدقع في ظل أن الحكومة لا تقدم تقريبا أي ضمانات معيشية تسمح للمواطنين بالعيش فق مظلة حماية اجتماعية تنقذهم من براثن الفقر والجوع.
أيضا ارتفاع معدلات التصخم منذ الأزمة المالية الاقتصادية في لبنان التي اندلعت في 2019، شكلت واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ البلد، فسادت الفوضى وانهارت الليرة لتفقد أكثر من 90% من قيمتها، وتدهورت القدرة الشرائية للشعب اللبناني وكذلك الأمن الغذائي الأمر الذي أدى إلى هجرة كثيرون من أبناء البلد، وهروب المستثمرين وتفاثن أزمات الثقة بين القطاع الخاص والحكومة ما أفضى إلى شح في العملة الصعبة وبالتالي لم تعد المصارف تملك نسبة السيولة الكبيرة لتلبية متطلبات المودعين.
كل هذا أدى إلى تدهور الوضع المعيشي للبنانيين الذين يعيشون بين شقى رحى جماعة “حزب الله” التي تحاول اغتصاب السلطة والتحكم في موارد الشعب وتدخله في صراعات إقليمية وبين الأزمات الاقتصادية المتوالية منذ 2019 ليظل لبنان ينزف دون منقذ حتى هذه اللحظة.
ارتفاع الأسعار تأثرا بالوضع الاقتصادي المتردة ساهم في تراجع أحوال الناس المعيشية التي طالت جميع الفئات الاجتماعية، فارتفعت مستوى الفقر ومعدلات البطالة والتي باتت تتفاقم بشكل كبير، كما كان الانفلات الأمنى هو الآخر سببا ف الانفجار الاقتصادي والاجتماعي وهذا يعتبر أهم وأكبر الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون، إذ قفزت أسعار نحو 17 سلعة أساسية شملت الخضار والفواكه والحبوب واللحوم والزيوت ومشتقات الحليب والألبان بنسب وصلت إلى 350% بسبب تدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، والتي فقدت ما نسبته 100% من قيمتها خلال أقل من عامين في ظل ارتفاع معدلات الفقر التي زادت عن نسبة ال 50%.
وكذلك ضرب حادث انفجار مرفأ بيروت وأزمة كورونا اقتصاد لبنان في مقتل، فزادت أوجاع اللبنانيون وتولدت أزمات جديدة كأزمة “الخبز” الذي ارتفع سعره 8 مرات خلال عما واحد، وكذا الأمر مع المحروقات والكهرباء وغيرها مع تراجع القطاع الصحي، والتي أضحت تهدد حياة مئات المرضى الذين أصبحوا غير قادرين على تأمين ما يلزمهم من الأدوية التي تطيب جراجهم، وهذا ساهم في ارتفاع معدلات التضخم لأكثر من 100% وانكماش النمو إلى أكثر من نسبة 30%.
ورغم تفاقم أزمات لبنان الاقتصادية والاجتماعية، تواصل ميليشيات “حزب الله” اللبنانية إدخال لبنان في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، وكل هذا على حساب الشعب اللبناني الذي يدفع الفاتورة غالية وثمينة، وما يدلل على ذلك استعدادات هذه الجماعة تحسباً لانهيار تام للبلد، فأصدرت بطاقات حصص غذائية واستيراد أدوية وتجهيز صهاريج لتخزين الوقود من إيران في ظل حالة من عدم الرضا بين المواطنين.
وفي ظل عدم قدرة السلطة اللبنانبة على الوفاء بحقوق ومتطلبات المواطنين، تقوم جماعة “حزب الله” بتأمين نفسها جيدا تجنبا للسيناريو القادم، وهذا من شأنه حماية أعضاؤءها وسكان المناطق التي لدى الحزب نفوذ فيها في ظل الدعم غير المتوقف من حليفته إيران.. فمن ينقذ الشعب اللبناني من مخطط النزيف السقوط على يد “حزب الله”؟!