محمود جودت محمود قبها
أمد/ عندما نتحدث عن يوم الطفل الفلسطيني، فإننا نُذكر بأعماق الوجدان المُعاناة التي يُعانيها أطفال فلسطين، الذين يَعيشون ظروفًا قاسية وظلمًا يُثقل أحلامهم مُحاولًا مَحيها بل وقتلها، إنهم أبناء الأرض الفلسطينية، أطفالٌ يُواجهون تحديات تَفوق قوتهم وآمالهم، إن يوم الطفل الفلسطيني ليس مُجرد إحصاء لِعدد الأطفال المُتضررين جرَّاء الاحتلال، بل هو مُناسبة لِنحيي فيها روح الصمود والإرادة في وجوه هؤلاء الصغار الذين يُقاومون بِكل شجاعة وإصرار وطموح وأمل، لذا فإن هذا اليوم يجب أن يكون تذكيرًا للعالم بأسره؛ بأن هؤلاء الأطفال يَستحقون حياة كريمة وآمنة تُمكنهم من حقوقهم في النمو والتعلم وتحقيق أحلامهم!
هؤلاء الأطفال يُواجهون قصفًا وحصارًا وفقرًا، ومع ذلك يُحافظون على بسمتهم وأملهم في غدٍ أفضل، لكن ومع كل الصعاب، يَظل الطفل الفلسطيني مُتشبتًا بِحقوقه، صامدًا في وجه جبروت الظلم، فتتعاظم إرادته وتقوى صلابته أمام التحديات الجمَّة، إنهم الأمل والمُستقبل الواعد، وعلينا أن نَحرص كل الحرص على حقوقهم ونُساندهم في كل المَجالات، فحماية حقوق الطفل الفلسطينني يعني بناءَ مُستقبل أفضل لهم وللمنطقة بأسرها، فلنعمل معًا من أجل غنهاء الظلم والاحتلال وتأمين حقوق الطفولة لكلِ طفلٍ فلسطيني، فهم ليسوا أمل فلسطين فحسب؛ بل أمل الإنسانية بأسرها، ويومٌ كهذا يُعد فرصة للتضامن الدولي مع هذ الفئة الضعيفة الهشة التي تستحق العناية والاهتمام.
يَحِلُّ في (5) نيسان من كُلِّ عام يوم الطفل الفلسطيني، لِنجد أنفسنا أمام فرصة جديدة للتفكير بِعمقٍ في حقيقة حياة الأطفال في هذه الأرض المقدسة، إنها فرصة لِنُلقي نَظرة عميقة على الآثار النفسية والاجتماعية والثقافية لللظروف الصعبة التي يُكابدونها في ظل احتلالٍ غاشم وقاهر يستمر منذ سنواتٍ طويلة ولا يزال يكبت حرياتهم بل وأنفاسهم أيضًا، إذ يُعانون من نقص حادٍ في الفرص والتعليمية والرعاية الصحية والثقافية والترفيهية، إضافة إلى تَعرضهم المُستمر للعنف والاعتقالات التعسفية، ومن المُضحك المُبكي الهوس بل الانهزام النفسي الذي بات يتجلى في نفسية الكيان الغاصب عندما هاجم طفلًا في عمر الـ (3) سنوات من قرية سلفيت مُداهمًا منزل عائلته بسبب حمله “لعبة بندقية” بلاستيكية! لِتصبح حتى ألعاب الأطفال في مَرمى الاحتلال ومُمارساتهم العنصرية.
على الرغم من كل الصعاب، يَظل الأمل يَترنح في قلوبهم كشمعة تضيء في الظلام، مُتمسكين بأحلامهم وطموحاتهم بإصرار بلا هوادة، إذ إنهم يَعلمون بل يُصرون على أن المُستقبل سَيَكون أفضل، وأن الحياة تحمل لهم الخير على هذه الأرض الطيبة المُباركة، هم قادة المُستقبل الذين يَستحقون منا كل الدعم والاهتمام، حتى ولو أننا نُعايش أصعب الأيام والظروف؛ إحتلال غاشم، وانقسام مَشؤوم، وحربٌ ضروس، إن مآلات كل ذلك ألقى بِظلال ليست بِهينة على الأطفال الفلسطينيين الأبرياء، فعندما نتحدث عن الواقع لا نَستطيع أن نغفل بكل الأسى عن خصوصية مُعاناة أطفال غزة الجبابرة، فعندما نتحدث عنهم ندخل في عالمٍ من الألم والصمود الذي يصعب وصفه بالكلمات، فهم يُواجهون تحديات هائلة يوميًّا، تتراوح ما بين القصف الجوي والبري والحصار الاقتصادي الذي يحرمهم الحصول على أبسط حقوقهم الأساسية! فالحروب الدموية والهجمات الإسرائيلية الوحشية الشرسة المُتكررة على قطاع غزة، لا سيما في السنوات الأخيرة ونخص آخرها التي نشبت منذ الـ (7) من أكتوبر من العام المُنصرم، باتت مَصدرًا للمزيد من العذاب للأطفال الفلسطينيين، إنهم يَشهدون موت أحبائهم، ويفقدون منازلهم، وتُبتَر أطرافهم، وتُفقأ أعينهم، ويُطحنون تحت الردم حتى باتت تتناثر أشلائهم ولا أحد يَلم شتاتها، نعم… إنهم يَعيشون أقسى الظروف التي لا يتحملها بَشر، وهم أطفال بريئون تمامًا من هذه الأحداث الكارثية، إن صوت هؤلاء الأطفال سيظل طيفًا يُلاحق كل من سَوَّلت له نفسه بالاشتراك بما حلَّ بهم من لعنة، أطفال أبرياءٌ لا يجب أن يُخصص لهم يومٌ واحد في العام بل كل يومٍ هو يومهم، علينا أن نستمع جيدًا إلى صوتهم، ونٌسهم في تخفيف مُعاناتهم ودعمهم، على المُجتمع الدولي التحرك العاجل والفوري لِشّل هذه الحرب الضروس وإنهاء الحصار المُحكمِ على غزة هاشم، وضمان حقوق هؤلاء الأطفال العظماء بصمودهم وأملهم وتحديهم، حتى يعيشوا حياة كريمة وآمنة تستحقها براءتهم وطفولتهم.