رامز مصطفى
أمد/ كلمات لا يعرف قيمتها وتأثيرها إلاّ من أمن بعمق، أنّ الطريق إلى الحرية وصناعة المستقبل والتحرير، مسلكه ودربه واحد لا ثاني له، إما النصر على محتلٍ غاصبٍ ودحره وطرده عن أرضنا، وإما شهادةٌ في سبيلِ الله وبما أمن به من خيارات. إيمانٌ لا يزعزعهُ شك في اليقينِ أنّ دماء الشهداء كل الشهداء وحدها من تصنع الآمال والمستقبل والحرية لقضيتنا وشعبنا ومقاومته المنتصرة.
بهذه الكلمات حجز الأخ أبو العبد إسماعيل هنية مقعداً له بين صفوف لا تنتهي من عوائل الشهداء لينال مرتبة الشرف بثلاث درجات.
الأولى، أنه والد الشهداء (حازم وأمير ومحمد). وهو القائل فور تبلغه استشهاد أبنائه الثلاثة وأحفاده: “أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض الأحفاد. وهم الذين ظلوا مع أبناء شعبنا في قطاع غزة”.
أما ثانيها أنّه رفع من منسوب صبر واحتساب أهلنا في قطاع غزة، وشحذ إرادتهم على الصمود والثبات، في لحظة قد كان الكثيرين بحاجة ماسة لذلك قبل أن تفتُر هممهم وعزيمتهم. وثالثها، لهؤلاء المقاومين الميامين على امتداد جبهات القتال والمواجهة الباسلة مع جيش الاحتلال الصهيوني وقادته وجنرالاته المهزومين منذ ملحمة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي. أن اصمدوا واثبتوا حيث أنتم أيها الأبطال الأشاوس، ولا تتركوا لعدوكم وعدو شعبنا وأمتنا فرصة أو فسحة لالتقاط أنفاسه، بل الحقوا به الهزيمة تلو الهزيمة.
قد يُعلق البعض على ما كتبته عن شهادة أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بالقول الشهداء والجرحى والمفقودين بعشرات الآلاف، فلماذا الآن؟ نعم قد يبدو الأمر صحيحاً وصائباً، ولكن الكتابة عن شهادة حازم وأمير ومحمد لها ما لها في التوقيت والدلالات.
العدو الصهيوني بكل أركان حكومته وجيشه ومخابراته ونخبه وحلفائه البعيد منهم والقريب، وبعد مضي ستة أشهر على الحرب الكونية التي تُشن على قطاع غزة، لا زالوا يبحثون عن صورة لانتصار تحفظ ماء وجه نتنياهو المُراق على يد أبطال مقاومتنا من دون جدوى، فذهبوا للانتقام من أبناء الأخ إسماعيل هنية بذريعة أنهم كانوا متوجهين للقيام بعمل عسكري ضد قوات العدو المتوغلة في القطاع. وبالتالي محاولة بائسة من كيان العدو لإرغام قيادة المقاومة بعنوان كتائب عز الدين القسام النزول عن شجرة مطالبها والقبول بالإذعان لشروط العدو الأمريكي – الصهيوني.
وهذا ما لم يتحقق، والاغتيال أتى بنتيجة عكسية تماماً. أمّا وأن تمّ اغتيال الأبناء الشهداء، فجاء رداً مدوياً على كل التخرصات والفبركات ومحاولة التشويه من قبل وسائل إعلامية ظاهرها الادعاء الكاذب أنها عربية ولكن هي في الجوهر عبرية، عندما اتهمت في تبنيها لتقرير عبري، أنّ الأخ أبو العبد قد بنى لأبنائه امبراطورية مالية في تركيا بعد أن أخرجهم من قطاع غزة مع بدء العدوان عليه. فالدماء الذكية للأبناء الشهداء دحضت كذبهم وافترائهم وما كانوا يسعون إليه من تشويه متعمد، علّهم يُسقطون قلعة القطاع من داخلها.